صمم المتحف المصري الحالي عام 1896، بواسطة المهندس الفرنسي مارسيل دورنو، على النسق الكلاسيكي المحدث والذي يتناسب مع الآثار القديمة والكلاسيكية، ولكنه لا ينافس العمارة المصرية القديمة التي ما زالت قائمة.
وتجدر الإشارة بأن القاعات الداخلية فسيحة والجدران عالية. ويدخل الضوء الطبيعي خلال ألواح الزجاج على السقف ومن الشبابيك الموجودة بالدور الأرضي. أما الردهه الوسطى بالمتحف فهي أعلى جزء من الداخل حيث عرضت فيها الآثار مثلما كانت موجودة في المعابد القديمة. وقد روعي في المبنى أن يضم أى توسعات مستقبلية، كما يتناسب مع متطلبات سهولة حركة الزائرين من قاعة لأخرى.
هذا وقد وزعت الآثار على طابقين، الطابق السفلي منها يحوي الآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية. أما الطابق العلوي فيحوي عروضا ذات موضوعات معينة مثل المخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية وآثار الحياة اليومية وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة وتماثيل وأواني العصر اليوناني الروماني وآثار خاصة بمعتقدات الحياة الآخرى وغيرها.
يُعد المتحف المصرى من أقدم وأشهر متاحف الدنيا حيث أن به أكبر مجموعة من الآثار المصرية المختلفة. وللمتحف المصرى تاريخ طويل يبدأ منذ عام 1825م حين أصدر محمد على باشا مرسوماً بإنشاء متحف للآثار، فاختاروا له مكاناً مؤقتاً على ضفاف بركة الأزبكية (حديقة الأزبكية الآن)، وهى بين ميدانى الأوبرا والعتبة، ووضعوا وقتها فيه الآثار التى كانت تُكتشف هنا وهناك. ولكن حكام مصر فى هذه الفترة لم يشعروا بقيمة الآثار، وأخذوا يهدونها لكبار السائحين الأوروبيين. وانتهى الأمر بنقل ما بقى فى ذلك المتحف إلى حجرة مهجورة بالقلعة. واكتملت المأساة فى عام 1855، حينما زار الأرشيدوق النمساوى "مكسمليان" هذه القاعة وهو بالقاهرة فأعجب بها، فأهداها له الحاكم الخديوى عباس باشا بأكملها إليه، ونُقلت إلى "فيينا" عاصمة النمسا، ومازالت هناك حتى اليوم.
قسم الآثار المصرية القديمة بالمتحف البريطانى بلندن.
[size=24]
جولة سريعة فى المتحف المصرى بالقاهرة
وأمام المتحف بركة صناعية صغيرة بها ماء، ويستطيع الزائر أن يشاهد نباتى اللوتس والبردى. إن البردى هو النبات الطويل الأخضر الذى كان الفراعنة يصنعون منه الورق فى الماضى، أما اللوتس فهو النبات الذى كانت أوراقه منبسطة على سطح الماء فى الحواف، وتوجد بعض الزهرات بين الأوراق. وكلمة Paper بالإنجليزية (Papier بالفرنسية) مأخوذة من كلمة البردى Papyrus، لأن الفراعنة هم وحدهم الذين كانوا يصنعون الورق فى العالم القديم. وكانوا يرمزون بنبات البردى للوجه البحرى، لأنه كان موجوداً بكثرة هناك؛ أما الوجه القبلى فكانوا يرمزون له باللوتس.
وموقع المتحف الحالى فى قلب القاهرة وفى أكبر ميادينها .. ميدان التحرير .. ويوجد مشروع كبير لبناء متحف جديد قد يكون قد تم بالفعل بناؤه عند قراءتك لهذه السطور. والحق أن الآثار مكدسة بالمتحف المصرى بميدان التحرير، ومهما كثرت المتاحف فهى تعتبر ضيقة بالنسبة لآثارنا العظيمة والكثيرة التى تكتشف كل يوم!
ومواعيد زيارة المتحف المصرى حالياً من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً .. وفى يوم الجمعة يغلق المتحف أبوابه لمدة ساعتين من الثانية عشرة ظهراً وحتى الثانية بعد الظهر، وذلك لصلاة الجمعة. أما أسعار التذاكر فهى تتغير كل عدة سنوات وتختلف بالنسبة للمصريين والأجانب. وعلى أية حال تُكتب أسعار التذاكر دائماً عند البوابة الخارجية سواء للمصريين أو للأجانب.
لقطة أخرى لمبنى المتحف المصرى من الخارج. أقسام المتحف
إن المتحف يتكون من طابقين .. الطابق الأرضى يحتوى على الآثار الثقيلة كالتوابيت والتماثيل الضخمة واللوحات الحجرية. وتم الترتيب حسب العصور التاريخية وهى:
آثار الدولة القديمة، والدولة الوسطى، والدولة الحديثة والعصر المتأخر، ثم العصر الإغريقى والرومانى، وآثار بلاد النوبة.
قاعات الطابق الأرضى. أما الطابق العلوى فيشمل الآثار الخفيفة الوزن كالآلات والجهاز الجنائزى، والتماثيل الصغيرة، وأوراق البردى والتوابيت الخشبية، والمعدنية الخفيفة، والحلى والجواهر، ثم منقولات من مقبرة "توت عنخ آمون".
قاعات الطابق العلوى حيث تعرض منقولات من مقبرة "توت عنخ آمون".
منظر عام من داخل المتحف المصرى بالقاهرة.
لوحة نارمر
"لوح نارمر". يُعتبر "لوح نارمر" ("نعرمر") أو لوح الملك "مينا" من أهم الأشياء التى يجب على الزائر مشاهدتها فى المتحف المصرى بإمعان، وذلك فى القاعة 42. إنه لوح كبير من حجر الشست وهو الدليل الوحيد على اتحاد القطرين فى هذا العصر.
ويشاهد الناظر اسم الملك "مينا" منقوشاً فى أعلى اللوح من الجهتين – ويوجد الملك على أحد الوجهين، وقد لبس التاج الأبيض الذى يشبه القمع الطويل وقد رفع دبوسه ليضرب به أسيراً.
أما الوجه الثانى فيوجد فيه الملك وهو يرتدى التاجين، سائراً مع أتباعه ليشرف على الأسرى المذبوحين، وقد سار حامل الأعلام أمام الملك. وأسفل هذا المنظر يوجد حيوانان خرافيان. وأسفلهما يوجد الملك على شكل ثور وهو يهدم قلعة.
آثار الدولة القديمة
عند دخول الزائر من الباب الرئيسى للمتحف واتجاهه إلى اليسار سيجد آثار الدولة القديمة. والدولة القديمة اسم يطلقه رجال الآثار – الذين يحافظون على الآثار ويصنفونها – على العصر الذى يبدأ من الأسرة الثالثة وينتهى بانتهاء الأسرة السادسة. ومن آثار هذا العصر العظيمة الأهرامات و"أبو الهول" والهرم المدرج.
وكانت مدينة "منف" عاصمة البلاد فى ذلك الوقت ("ميت رهينة" قرب البدرشين حالياً). ومن أهم ملوك المدينة نذكر "زوسر" من الأسرة الثالثة، و"سنفرو"، و"خوفو"، و"خفرع"، و"منكاورع" من الأسرة الرابعة.
وحينما يذهب الزائر إلى الخزانة رقم 2 سوف يجد تمثالاً للملك "خفرع" وهو جالس .. وهذا التمثال مصنوع من المرمر، وسيجد الناظر حوله أربعة رؤوس من الحجر الجيرى الملون لأربعة من الأقارب. والملك "خفرع" هو الذى بنى الهرم الثانى.
وإذا انتقل الزائر إلى الخزانة المجاورة (D) سوف يجد مجموعة جميلة من التماثيل الصغيرة تمثل خدماً يزاولون الأعمال .. هذه امرأة تطحن الحبوب، وبجوارها رجل آخر يقوم بعجن العجين اللازم لصناعة الجعة أو البيرة بلغة هذه الأيام. وفى الجانب الآخر رجل يشوى إوزة. وللأسف فإن رأسه غير موجود، وبجانبه رجل واقف وعلى كتفه كيس، ويحمل فى يده اليمنى نعلى سيدة .. وهذه التماثيل كانت قد وُجدت فى مقابر بعض الأمراء، لتقوم بخدمتهم فى العالم الآخر، كما كانت تقوم بخدمتهم فى الحياة الدنيا.
وسوف يجد الناظر عن يمين وشمال هذا البهو عدة توابيت من مختلف الأحجار، أهمها ولاشك هو التابوت رقم 44، وهو من الجرانيت الوردى للمدعو "خوفو عنخ" الذى كان مشرفاً على المبانى الملكية. والتابوت يمثل بيت المتوفى، ولذلك فإنه قد زود بما يمثل بيتاً، فيُشاهَد على جانبيه المستطيلين الباب والنوافذ وكأنه واجهة منزل.
وتوجد أيضاً الحجرة الجنائزية التى أخذت رقم 48، وهى من مقبرة دشرى بـ"سقارة". وهى مثال بديع من فن الأسرة السادسة. ويشاهد الزائر على جدرانها قوائم الأشياء التى قد يحتاج إليها المتوفى مثل الخبز والجعة واللحم والطير والملابس وغيرها.
ويجب على الزائر أيضاً أن يتوجه إلى القاعة رقم 42، وبها أيضاً آثار من الدولة القديمة. وكان أجدادنا فى الدولة القديمة أغنياء وأقوياء، وأصبح لديهم نضج فنى هائل. ولذلك سيشاهد الزائر مجموعة من التماثيل التى تتميز بجمال الفن وقوته، وسوف يجد تمثالاً رائعاً للملك "خفرع" (رقم 138)، وهو مصنوع بدقة من حجر الديوريت الصلب جداً، وخلف رأسه يوجد صقر نَشَر جناحيه ليحمى الملك .. وهذا الطائر رمز للمعبود "حورس"، وهو الجد الأعلى للملوك القدماء فى معتقدات الفراعنة .. وقد وضع الأحفاد فى الزمن الحاضر صورة هذا التمثال على ظهر الورقة المالية المصرية فئة العشر جنيهات!